خاتمة
طرحت هده الدراسة أغلب النظريات التربوية الحديثة في حقل التعليم,
ولا يزال الفكر التربوي يخرج لنا المزيد من الأفكار والنظريات ولعل
أحدثها التعليم الجيني .
ان التعليم الجيني هو التعليم المبني على أساس خريطة الجينات
البشرية . فكما أن الجينات تلعب دورا في تحديد الجينات الموروثة
وتسهل فهم نشوء وتصرف المكونات الخلوية, كدلك هي مصدر للتعرف على
سلوك الانسان حيث أن أساس طبيعة سلوك الانسان يقع في خلاياه.
ان أهمية الجينات بالنسبة الى الخلايا في الجسم البشري, هي بنفس
أهمية الجينات بالنسبة الى الفكر البشري. ويدعي ريتشارد دوكنز ,
وهو باحث مهتم بأهمية الجينات الموروثة بأن الجينات التي تشكل
التفكير, تلعب دورا هاما في تشكيل الثقافة الاجتماعية. ويقول
ريتشارد بيرغلاند, مؤلف كتاب " بنية العقل", ان الفوارق الجينية
بين بيتهوفين وبين أينشتاين تكاد تفقد خلال ثلاث أو أربع أجيال.
وأن الجينات التي يتميز بها هؤلاء, عندما يتم صبها داخل بركة
الجينات البشرية الغير عادية, تفقد كليا. ولكن تبقى الجينات
الفكرية المتوارثة منهم, فتنقل أفكارهم الجيدة من جيل الى جيل آخر
وتبقى أبدية. يستنتج ريتشارد بيرغلاند فيقول بأن جميع الجيوانات قد
تعتمد على الجينات, بينما تعتمد نشأة ثقافتنا الاجتماعية وحضارتنا
علىالجينات الفكرية.
كما يشير الدكتور ايفانز وهو عالم يبحث في الأسباب البيولوجية التي
تدفع الناس الى تتبع سلوك معين مثل التهور والجرأة البالغة, بأن
دلك هو نتيجة حمل هؤلاء الأشخاص لنفس الجينات المسؤلة عن تلك
التصرفات. ويزيد د. ايفانز فيقول أن دلك لا يجعلهم غير عاديين لأن
هناك من حملة تلك السلوكيات من يصبحوا أعظم القادة وأشجعهم وأفضل
الفنانين وأروعهم انتاجا. كدلك هناك الجينات المسؤلة عن التلقائية
وعن العزم في الأمور وعن التأهب والروية.
لدلك, ادا كانت الجينات هي المسؤولة عن سلوكيات وتصرفات الانسان,
فلا بد أن يأتي اليوم الدي سيتوجب فيه ضرورة اعداد برامج تعليمية
وتدريبية, كل بناء على الجينات السلوكية والفكرية التي يحملها
كأساس ومن ثم التخطيط والاعداد لما يمكن أن يطور من اداء الشخص أو
يشجع من قدراته وينميها. فمثلا اعداد برامج تدريبية وتعليمية
لمساندة وتشجيع وتطوير الجينات السلوكية أو الفكرية الايجابية
والصالحة بتطويرها وتشجيعها. وبالتالي اعداد برامج تدريبية
وتعليمية لكل ما يمكن أن يكون بمثابة حصانة ودرع للشخص الدي يحمل
جينات سلوكية أو فكرية سلبية غير مرغوبة ومحببة لمواجهتها والتعرف
على كيفيت التعامل والتكيف معها. والمستقبل يحمل تنبؤات عديدة منها
الحاجة ألي عمل منهاج أو مقرر لكل طالب وطالبة على حدى على حسب
الجينات السلوكية والفكرية التي يحملها . فالطالب الذي يحمل الجين
المتسم بالجرأة والحزم يجب أن يقدم له منهاجا يختلف عن الطالب الذي
يتسم بالهدوء والروية .
عند وضوح الرؤية لخريطة الجينات البشرية سيكون هناك مجال لوضع تصور
لكيفية عمل العوامل الوراثية وتأثير ذلك على عملية العلم والتعلم .
فكما أن ثورة المعلومات جعلت تأثيرا بالغا بضرورة إدخال الحاسب
الآلي في العلم والتعليم ، كذلك سيأتي اليوم الذي يكون للجينات
الوراثية ضرورة حتمية لدخولها مجال العلم والتعليم ، وسيكون لثورة
الجينات تأثير بالغ على تقدم التعليم وتطوره بشكل مذهل, ولربما
التعرف على دكاء آخر هو الدكاء الجيني.
ودورنا المتغير يفرض علينا أن نطور أساليبنا ونتابع الدراسات
الحديثة فيما تتوصل اليه من نتائج مبهرة مع الأخد بعين الاعتبار
أهمية القاعدة الثقافية والبيئية التي نتعامل معها حتى يمكن معالجة
تلك الأفكار بأصالة وتكييفها بالشكل الدي تتلاءم مع عقول طلابنا في
بيئتنا المتنامية.
|