الفصل الخامس:  التفكير الإيجابي في التربية الإسلامية


الفصل الخامس:  التفكير الإيجابي في التربية الإسلامية

1- التفكير الإيجابي في التربية الإسلامية:

على الوالدين أن يهتما بصحة طفلهما النفسية مثل إهتمامها بصحته الجسدية. فيجب عليهما أن يكونا حريصين في ذلك لكي يشب طفلهما رجلا خاليا من العقد النفسية مرحا، بشوش الوجه، رؤوف القلب وصبور في هذه الحياة وكما قيل "لكل شيء جوهر العقل الصبر".

كذلك، على الاسرة أن تحسن التربية النفسية لطفلها فتشجعه على أخذ القرارات الجريئة دون تردد وأن يكون قانعا بما يواجهه في هذه الحياة من لكمات القدر وصدمات الزمان وكما قيل "إذا لم يكن لك ما تريد، فأرد ما يكون".

إن إتباع طريقة الترغيب في التربية هو أسلوب جيد لأن الترغيب يتصف بالطابع الإيجابي على عكس أسلوب الترهيب الذي يتصف بالطابع السلبي. فمثلا على الوالدين إذا أرادا من طفلهما أن يقوم بعمل ما، أن يرغـّباه بكلام التشجيع والإطراء والمجاملة وأن لا يأمراه أن يقوم بعمل ما بتوجيه أمر له مستخدمين اللهجة القاسية الجارحة أو أن يتبعا هذا الأمر بتهديد أو تنفيذ حرمانه من شيء ما. ولعل أفضل منهاج في التربية الإيجابية هو منهاج التربية الإسلامية وهناك أحاديث عديدة للرسول صلى الله عليه وسلم تعكس الأثر الإيجابي في التربية.

فمن بعض أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم: من كتاب (أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية، نجيب خالد العامر).

- "أفضل الأيمان الصبر والسماحة": حديث يُشجع الإنسان على التعامل بإيجابية مع الغير
- "أفشوا السلام بينكم تحابوا": دوعة تبين إحدى الطرق في نشر الحب والمودة بين الناس.
- "إن السلام أسم من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم": دعوة أخرى الى نشر السلام.
- "أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام": دعوة الى الدعاء وبالتالي الأمل بتحقيق الدعاء ونشر السلام بين الناس.
- "خياركم أحاسنكم أخلاقا": حديث يُشجع المرء على مساعدة من كان في ضيق وحاجة الى عون ومساعدة.
- "الدال على الخير كفاعله": حديث يُشجع المرء ليس على فعل الخير فحسبب الإشارة إليه أيضا.
- "رحم الله أمرأ تكلم فغنم، أو سكت فسلم": حديث يبدي إحدى النصائح في أدب المجالس.
- "إذا غضبت فاجلس": حديث يبدي إحدى النصائح في فن التعامل مع الناس.
- "ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء": دعوة الى رحمة الغير.
- "إعقلها وتوكل": دعوة الى تنفيذ الأمر والإتكال على الله في ذلك.
- "إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم": دعوة الى مشاركة الطعام مع المسكين والعطف على اليتيم، للقلب الذي قسى.
- "إن الصلوات الخمس يذهبن بالذنوب كما يذهب الماء الدرن": دعوة الى الإلتزام بالصلاة التي تخفف من الشعور بالذنب والذي هو مصدر الآلام النفسية.
- "إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عتيدا": دعوة الى الإبتعاد عن التكبر وظلم الغير.
- "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه": دعوة الى حب الناس.

يؤكد المفكر الإسلامي محمد قطب (1994) أن في القرآن الكريم كل الدروس التربوية وليس بعضها. فالقرآن في آيات بينات وكل ما ورد فيه من قصة أو مثل أو توجيه سياسي أو توجيه إجتماعي أو أخلاقي أو أي توجيه في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة يعد درسا تربويا.

ومن المفيد للطفل في الصغر وله تأثير عليه في الكبر، هو تعليمه إتباع مجموعة من المبادىء والقيم، لتصبح دستور يتبعه هو القرآن الكريم لما به من حكم وأسس للتربية، تطرق إليها الكثير من أساتذة التربية والدين.

2- تشجيع إعتياد الطفل على الدعاء لأنه أساس النية على العمل:

"أفضل العبادة الدعاء" حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي أملا للطفل بأن مراجه وحلمه سوف يتحقق بأمر الله.

(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى). سورة النجم / ج 27، آية 39. هذه الآية الكريمة تشير على أن الإنسان يعمل على ما ينوي والمرء عندما يدعو الله أن يحقق أمرا دنيويا، يبدي نيته في تحقيق هذا الأمر ويكون لجهده وعمله سببا في تحقيقه.

لذلك يتبين لنا أهمية خلق عادة حب الدعاء في أطفالنا. فالدعاء هو تجسيد نية عمل شيء ما الى واقع. وهو وضع هدف والنية والعزم على إنجاز ذلك الهدف. فإذا أراد المرء أن يضع لنفسه هدفا ما، عليه أن يبدأ بالنية والعزم ثم تلقائيا يجد نفسه يتجه لتحقيق هذا الهدف.

يجب على الوالدين أن يعوّدوا أطفالهم على عادة الدعاء لأن الدعاء كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم "مخ العبادة". وعليهم ترغيب أطفالهم في العزم عند إتخاذ القرار في أي موقف يواجهونه في عالمهم الصغير لأن ترددهم في إتخاذ القرار هو ضعف وسلبية. ولأن التهرب من إتخاذ قرار ما، هو لا قرار Indecision is “No” decision

كثيرا ما يؤجل المرء إتخاذ أي قرار في حياته وكأن قراره بذلك يكون على أن لا يقرر وأن لا يأخذ تلك الخطوة.

علينا أن نعوّد أطفالنا جرأة إتخاذ القرار والعزم على تنفيذه.

كما أن تردد المرء باتباع الهدف الذي نصبه لنفسه، ما هو إلا هروب من تحقيق هذا الهدف. هناك قول سائد بأن القلق والتردد ما هو إلا وضع الهدف بطريقة سلبية Worrying is negative goal setting.

3- أهمية إستخدام اللغة الصحيحة:

إن تعويد الأطفال على إستخدام البلاغة والفصاحة في الكلام هو وضع لأسس الذكاء والنباهة في تفكيرهم ويساعد على إضفاء الإيجابية في تفكيرهم. فمن أجل تغذية عقول أطفالنا، علينا أن نمرن عقولهم على عملية التفكير المنطقي. وذلك لا يكون ممكنا إلا عن طريق إستخدام لغة صحيحة. علينا أن نعلمهم ربط الأفكار، نظم المعلومات بتسلسل، البحث في الذاكرة عن معلومات مشابهة ومقارنتها وتعريف إختلافها. كل هذا لا يمكن إلا إذا كان الطفل قد تعلم مهارات اللغة الصحيحة. إن تعلم هذه المهارات تجعل الطفل قادرا على أن ينظم جمل متسلسلة ويفكر بنفس الأسلوب التسلسلي.

وتاريخنا الإسلامي إهتم بالتركيز على البلاغة والفصاحة في الكلام فقد قالتي السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد كسردكم هذا، كان يتكلم كلاما فصلا لو عده العاد لأحصاه وكان إذا تكلم الكلمة أعادها ثلاث لتحفظ عنه".

وقل قالت العرب: عقل الرجل مدفون تحت لسانه.
وقالت العرب: فلا يقل الحز، ويصيب المفصل. أي يتحدث قليلا ويصل الى هدفه من الحديث.
وقالوا: خير الكلام ما لم يحتج بعده.
وقالت العرب: أبلغ الكلام ما سبق لفظه معناه.

4- إتباع سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم والإقتداء به:

يجب على الأسرة أن تزرع حب الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس أبنائها لأنها بذلك تزرع أعظم الفضائل والقيم الإجتماعية. ولأن إذا أحب أطفالنا الرسول صلى الله عليه وسلم أحبوا أعماله وتأثروا به وكان ذلك لينعكس في سلوكهم. فمثلا الإلتزام بالتواضع متبعين في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم إجعلني في عيني صغيراً وفي أعين الناس كبيراً، صادقاً، متسامحاً، حليماً، منفقاً في سبيل الله".

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خيركم أحاسنكم خلقا".

5- تربية الطفل على الإيمان بالله والقدر:

يجب على الأسرة أن تغرس في أطفالها حب الخالق وأن تنمي لديه عادة شكر الله على السراء والضراء. كذلك تعلمه الصبر والسلوان عندما لا يتحقق له شيء كان يرجوه وأن يكون حليما، حسن الخلق.

وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن".

6- النفس البشرية:

لقد اهتمت حضارتنا العربية الإسلامية بفهم الذات وهذا ما اهتم به "سقراط" في "إعرف نفسك". كذلك "إبن سينا" الذي نظر الى الذات بأنها الصورة المعرفية للنفس البشرية.

إن مرجعنا الى القرآن الكريم والى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هو مرجع المومنين في هذا الدين الحنيف ومرجع العلماء والحكماء الذين يقدرون كل كلمة قُرأت وكل كمة ذُكرت.

أخبرنا الحق أن النفوس ثلاثة أنواع: النفس الأمارة بالسوء (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي) – سورة يوسف: 35، والنفس اللوامة (ولا أقسم بالنفس اللوامة) – سورة القيامة: 2، والنفس المطمئنة (يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) – سورة الفجر: 27. "ليس المراد أن لكل إنسان ثلاثة نفوس وإنما المراد أن هذه الصفات وأحوال لذات واحدة، فإذا غلب على النفس هواها بفعلها للذنوب والمعاصي فهي النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة هي التي تذنب وتندب، سميت لوامة، لأنها تلوم صاحبها على الذنوب، ولأنها تتلوم أي تتردد بين فعل الخير وفعل الشر، والنفس المطمئنة هي التي تحب الخير والحسنات وتريدها، وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك، وقد صار ذلك لها خلقا وعادة وملكه".

لذلك، على الأسرة أن تغرس بذور الإطمئنان في نفوس الأطفال ليشبوا على حب الخير وفعل الحسنات متمتعين بالتفكير الإيجابي والإبتعاد عن الشر وفعل السيئات.

7- النفس هي كل ما يختلج الفكر والقلب

قال شارح الطحاوية بعد أن ذكر أنواع النفوس: "والتحقيق: أنها نفس واحدة، لها صفات فهي أمارة بالسوء، فإذا عارضها الإيمان صارت لوامة، تفعل الذنب ثم تلوم صاحبها وتلوم بين الفعل والترك، فإذا قوى الإيمان صارت مطمئنة".

إن المهم في الأمر هو عملية تفكير المرء عند المواجهة أمر ما وليس الأمر نفسه (اي الموقف الذي حصل)

ونحن إذا نظرنا الى النفس على أنها الفكر والقلب
نقول (الفكر) + (القلب) = (النفس)

يكون (نسبة التفكير الإيجابي لدى الفرد) + (نسبة الإيمان لدى الفرد) = (نفس مطمئنة).

على الأسرة أن تزود الأطفال بزاد الحكمة والمنطق والتفكير الإيجابي وتزرع في قلوبهم الإيمان فتساهم بذلك في جعل نفوسهم نفوسا مطمئنة.

8- أهمية فهم الذات:

كما أن القرآن الكريم بيّن لنا أهمية فهم الذات في قوله:
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) – سورة الرعد:11
(بل الإنسان علىنفسه بصيرة) – سورة القيامة:14
(أولم يتفكروا في أنفسهم) – سورة الروم: 8
(كل نفس بما كسبت رهينة) – سورة المدثر: 38

"والبصيرة في النفس تتصل بالإستبصار وهو الوصول بالفرد الى فهم مشكلاته وفهم الفرد لنفسه وطبيعته الإنسانية ومواجهتها، وفهم ما بنفسه من خير وشر".

إن السلوك الإنساني هو محصلة لمفهوم الفرد لذاته. فالناس الذين ينظرون الى أنفسهم إيجابيا، أي بإعتبارهم محبوبين، ومرغوبا بهم، وذوي كرامة وإحترام يسلكون وفق تلك النظرة. أما الأفراد الذين يواجهو المشكلات منذ نعومة أظفارهم، في بيوتهم وفي مدارسهم، فقد يكبرون ليملأوا السجون ومراكز الأحداث والمصحات والمؤسسات الخاصة بالمعوقين. إن هذه الفئة من الناس هي تلك التي ينظر أفرادها لذواتهم بصورة سلبية، وبإعتبارهم أناسا غير مرغوب بهم، وغير مقبولين، وغير قادرين، وغير مستحقين لشيء ذي قيمة. وقد دلت العديد من البحوث أن الأطفال الذين ينظرون لذواتهم نظرة إيجابية. يتعلمون ويتصرفون بشكل أفضل، ويتمكنون من التحصيل بشكل أحسن من غيرهم.

9- التفكير الإيجابي هو حب الذت:

إن سر الحب هو حب الذات هو في الخيال والتفكير الإيجابي. فالمحب يتخيل أن من يحبه يراه جميلا لطيفا وجذابا فيرى حبيبه يهتم له، يفرح لفرحه يحزن ويراه دائما جميلا. لذلك يشعر المحب بحلاوة الدنيا وبالسعادة ذلك بسبب سيطرة الخيا والتفكير الإيجابي على فكرة أي على عقله الباطني وبالتالي إنعكاس ذلك الشعور على عقله الواعي. الحب هو حب الذات، لأنه إزدياد ثقة بالنفس ورضى عن النفس. هو رؤية الحياة بمنظار التفاؤل وهو السعادة. فالمحب هو مفكر إيجابي.

كذلك الطفل يحب نفسه إذا أحبه والداه وهو يحب من يعطف عليه ومن يعامله معاملة حسنة ومن يحبه لأن الحب هو كالمرآة. والطفل الذي يفكر تفكيرا إيجابيا يكون ذلك نتيجة إضفاء والديه الحب والحنان عليه والتقدير والإحترام لآرائه وتعزيز أعماله وأفعاله إيجابيا.

10- الثقة بالنفس:

ذكرنا بأن الإنسان الذي يحب، يشعر بالسعادة تغمره لأنه يبدأ بالتفكير الإيجابي تجاه نفسه. ذلك، عندما يُضفي عليه عليه الطرف الثاني، الكثير من التأكيد الإيجابي Affirmations من كلمات المدح والإطراء والإعجاب فيبدأ يرى نفسه من منظار آخر، منظار الثقة بالنفس وبالتالي يبدأ في حبه لنفسه وبالتفكير الإيجابي تجاه نفسه، لهذا يشعر بالسعادة.

بينما يكون المرء الذي يشعر بالمرارة والكره نحو نفسه، يصبح ذو ثقة ضعيفة بالنفس. والمرء الذي يتمتع بدرجة عالية من الثقة بالنفس، أكثر إستطاعة ومقدرة على عمل القرارات بحكمة ويكون أكثر إنتاجا من المرء الذي لا يتمتع بالثقة بالنفس.

إذا نظر المرء الى الأمور بمنظار سلبي وكذلك آمن بتلك الأمور السلبية التي هي نتيجة محادثته لنفسه بها، لا شك أنه سوف يشعر بالكراهية نحو نفسه ونحو الغير ونتيجة لهذا سوف يفقد ثقته بنفسه ويكون شقيا.

11- التفكير الإيجابي هو مفتاح السعادة

وكما ذكر الكاتب السعودي عبد الله الجعيثن في كتابه "تجاربهم مع السعادة" عن رؤية بعض المفكرين والأدباء عن السعادة ونظرتهم إليها، ينقل عن ما يقول المفكر جان فينوت: "كل ما تقع عليه العين يكون من أسباب السعادة أو الشقاء بحسب تقدير العقل".

أما يقول المفكر تشيكونف: "لسعادة الإنسان ثلاث شروط هي: أن يكون صافيا فكريا، طاهرا نفسيا، وسيما جسديا".

ويقول الأديب الأمريكي وليم جيمس: "تصرف كما لو كنت سعيدا وسوف تحس ببعض السعادة".

ويعرّف أفلاطون السعادة فيقول: "السعادة: صحة المزاج".
وينقل المثل الإنكليزي القائل: "كل السعادة في العقل".
والمثل الإيطالي القائل: "فرح القلب يجعل الوجه وسيما".
والمثل التشيكي القائل: "الفرح نصف الصحة".

ويقول الشيخ علي الطنطاوي: "أنتم جميعا سعداء لو طلبتم السعادة من أنفسكم لا من حولكم".
ويقول أيضا: "إن في النفس الإنسانية لقوى إذا عرفتم كيف تستفيدون منها صنعت لكم العجائب".

"هذه القوى هي منبع السعادة. تتفجر منها كما يتفجر الماء من الصخر نقيا عذبا، فتتركونه وتستقون من الغدران الآسنة، والسواقي العكرة".

وفي وصفه للحس وكأنه نور يقول: "الحس كالنور، إن أطلقته أضاء لك ماحولك فرأيت ما تحب وما تكره، وإن حجبته حجب الأشياء عنك، فأنت لا تسمع أصوات الشارع مع أنها أشد وأقوى، وتسمع همس الدار وهو أضعف وأخفت، لأنك وجهت الى هذا حسك، وأدخلته نفسك فسمعته على خفوته كما ترى في الضياء صغائر الأشياء، وأغفلت ذلك وأخرجته من نفسك، فلم تسمعه على شدته، وخفي عنك كما تختفي في الظلام عظائم الموجوجات. فلماذا لا تصرف حسك عن كل مكروه؟ إنه ليس كل ألم يدخل قلبك، ولكن ما أدخلته أنت برضاك، وقبلته بإختيارك".

إننا أحرار لأن عقلنا وقلبنا ونفسنا هو مثل حر لا يملكه أحد ولا لأحد أي سلطان عليه إلا الله.

وهناك آيات قرآنية عديدة فيها لنا دعوة للتفاؤل مثل الأيات التالية:

(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) – سورة البقرة:216
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب) – سورة الرعد: 28
(فإن مع العُسر يُسرا إن مع العُسر يُسرا) – سورة الإنشراح: 5-6
(سيجعل الله بعد عُسر يُسرا) – سورة الطلاق: 7

أليست هذه المبادىء والقيم التي ذ ُكرت في آيات القران الكريم وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، هي خير مبادىء ينشأ ويترعرع عليها أطفالنا. أليس الإسلام دستورا للعدالة الإجتماعية، فيه الإنصاف والرحمة والعطف. فلتقوم الأسرة بذكر هذه المبادىء للأطفال عند رواية قصص القرآن وقصص الأنبياء لهم والتي لا تخلو من العبر والقيم العظيمة.

12- التفكير الإيجابي هو مرآة الصحة:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. ألا وهي القلب".

كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثر همه سقم بدنه".

وإذا قلنا أن النفس = الفكر والقلب
وإذا كانت النفس ليست إلا كل ما يصدر من أفكار من الدماغ وأحاسيس من القلب وبالتالي تصرف وسلوك.
وكذلك الجسد هو = الفكر والقلب = النفس

فنقول إن صحة الجسد تعتمد على كل ما يصدر من أفكار من الدماغ وأحاسيس من القلب. فإذا كانت تلك الأفكار سلبية وكانت الأحاسيس مفعمة بالإكتئاب والتعاسة، يؤثر ذلك على صحة الجسد فيصبح عليلا. وعصرنا هذا خير دليل لما أستنتجه العلماء في قولهم ان معظم الأمراض العضوية أساسها نفسي ومن مسبباتها كل ما يختلج النفس من توتر وإنفعال.

إن إيماننا وإعتقادنا بشيء ما، له قوة هائلة على سلوكنا وذلك من خلال حديثنا مع أنفسنا Self Talk بتفكيرنا تفكيرا إيجابيا. كما أن إيما الغير بنا المتمثلة في مديحهم وتشجيعهم لنا يكون مبعث ثقة بأنفسنا ومصدر كل خطوة نجاح نخطوها. فموقفنا وسلوكنا Behavior & Attitude هو نتيجة إيمننا وإعتقاداتنا. وهذا الإيمان بالنفس هو مثل إيمان المريض بحبه الدواء المعروفة بالبلاسيبو Placebo Effect. هذا الدواء الخالي من الفعالية والذي غالبيا ما يصفه الطبيب للمريض لكي يوهمه بأن هذا الدواء سيشفيه. فالمريض إذا آمن بأن شفائه من مرض ما يعتمد على هذا الدواء، كان بسبب إعتقاده هذا لا يشعر بعوراض المرض بعد تناول الدواء ويُشفى بعد تناوله. فحسب تجارب معظم الأطباء كثيرا ما يكون المرض وهما وليس حقيقة. ولكن الأهم من هذا الدواء الوهمي هو نسيان المريض لوجود المرض، وكما قيل: "إذا نسيت المرض نساك" فالوهم يضعف جهاز المناعة عند المرء والذي إذا ضعف لا يستطيع الإنسان مقاومة أي مرض بسهورة.

إن صحة أطفالنا الجسدية تعتمد على صحتهم النفسية والتي هي نتيجة وجود تفكير وأحاسيس إيجابية لديهم. فنحن الأمهات أمام مسؤلية كبيرة، فيجب ألا يكون في معظم الأحيان وجود أطفال لنا هو غاية لتحقيق غريزة الأمومة فقط وتكون النتيجة وجود ضحايا من الأطفال المعذبة، فالتربية السليمة ليست الإمتناع عن الإيذاء الجسدي Physical Abuse أو الإيذاء بالكلام Verbal Abuse بينما هي إدراك الأم مدى تحكمها في السيطرة على دماغ طفلها والعمل على تعزيز الأفكار الإيجابية في عقله وزيادة ثقته بنفسه.

ولقد صدق أمير الشعراء شوقي حين قال:

ليس اليتيم من إنتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه ذليــــــــــــلا
فأصاب بالدنيا الحكيمة منهمـا
وبحسن تربية الزمان بديــــلا
إن اليتيم هو الذي تلقى لــــــه
أما تخلت أو أبا مشغــــــــــولا
 

     
open all titles close all titles  

الكشافـــة

open / close tile

السياحة في السعودية

open / close tile

الأسرة وبرمجة التفكير الإيجابي

open / close tile

مهارة تعليم التعلم

open / close tile

موضوعات متعلقة

open / close tile
حقوق النشر محفوظة  -  Copyright  2008 RightToEducate. All Rights Reserved