الفصل الخامس: نظرية التعلم الإدراكي
تعنى نظرية العلم الإدراكي بالمعالجة الفكرية وبتفهم علم التفكير
وحل المسائل . يذكر( Winograd
& Flores (1986) الباحثون في علم
الذكاء الصناعي بان أنظمة الإدراك هي أنظمة رموز ، وهي تعمل من
خلال إعطاء رموز للمواقف والحالات الخارجية والداخلية ومن خلال
التحكم بهذه الرموز .
كما تشير نظرية العلم الادراكي بان " الأفكار هي " لغة داخلية "
وهي نتيجة تحكم بالتركيبات التمثيلية في الفكر .وهذه التمثيلات هي
تركيبات رمزية والتي تشكل جزء من تكوين الحل للمسألة" . (Winsgrad
&Flores, 1986, p.20)
كذلك تكون هذه التمثيلات ليست إلا معلومات يتم معالجتها وتحليلها
ومن ثم البحث ضمن تمثيلات بديلة حتى يقع الاختيار على التمثيل الذي
يمكن من خلاله تحقيق الهدف المنشود .
والإدراك هو التفهم والحصول على المعرفة والمعالجة للمعرفة أو
بمفهوم آخر المعالجة الفكرية .
وهو يتم من خلال معالجة المعلومات مما يسهل عملية الوعي والقرار ،
والنظام الادراكي هو عبارة عن نظام رموز والتي من الممكن أن تتطبع
بالذكاء من خلال إعطاء رموز للمواقف والأوضاع الداخلية والخارجية
من خلال التحكم بهذه الرموز
ويهدف العلم الإدراكي إلى تفهم العملية الفكرية والى بناء نموذج
عملي ، وهو له صلة بالذكاء الصناعي الذي من خلاله نستطيع بناء
نظريات من الفهم الادراكي للإنسان. ويستخدم في طريقة التعلم
الادراكي الوسائل التعليمية التي تسهل العملية الفكرية مثل الخرائط
الذهنية (Mind Mapping ) والنماذج الفكرية Mental Modelling
والتشبيه بالمقارنة (Analogy ) لكي يتم توضيح الفكرة أو المعلومة
المكتسبة وتثبيتها في الذاكرة .
ويكون التركيز في التعليم الادراكي على طريقة التعلم وليس نتيجة
التعلم أي ليس لمعرفة المعلومة , فيكون هناك إشارة التعلم من خلال
إتاحة المعلم الفرصة للمتعلم.
تهدف نظرية التعليم الادراكي إلى فهم عملية التفكير والى بناء
نموذج عملي ممكن ربطه بنموذج واقعي مستمد من مفهومنا في هذا العالم
. كما تهدف نظرية التعليم الادراكي من خلال فهم المعالجة الفكرية
وتطبيق المعرفة والمهارات المكتسبة الى الوصول إلى طرق وأساليب
متطورة في التعليم والتعلم .
إن النماذج العلمية التي لها علاقة باكتساب المهارة هي :
نموذج المعالجة المعلوماتية Information Process Model
يؤكد علماء النفس المختصين بالمعالجة المعلوماتية بان الأنظمة
الادراكية ممكن تفهمها من خلال التعبير المجازي لجهاز الكمبيوتر
Winograd & Flores (1986).
وتعرف على أنها اكتساب للمعرفة من خلال تحول البيانات إلى شكل ممكن
استخدامه. ويتم استيعاب المعرفة من خلال مخزون تمثيلات ممكن
استرجاعها لاستخدامها في عملية التحليل وترجمتها إلى لغة بدلا من
رموز .
تبين عملية معالجة المعلومات كيف يعمل العقل وكيف يمكن للطلبة
استخدام عقلهم في تعلم افكار او مهارات جديدة وتتطور عملية التفكير
الابداعي عندما يتعلم الطلبة كيف يستخدمون معرفتهم الحالية بطريقة
ابداعية.
إن البشر يقومون بمعالجة المعلومات من خلال الإدراك . والإدراك هو
"العملية التي نقوم من خلالها باستقبال وتفسير المعلومات في العالم
من حولنا ، وتحتوي على أنواع ومستويات عديدة من الطاقات الجسمانية
، وتأتي معرفتنا بالعالم عبر أعضاء الحس التي تستجيب لمؤثرات تلك
الطاقات" (3)
كذلك من خلال عملية برمجة المعلومات ممكن لجهاز الكمبيوتر أن يقوم
بمعالجة المعلومات وإعطاء إجابات مناسبة .
مثلا في حل مسائل حسابية أو في إعداد برامج الكمبيوتر ، ممكن للشخص
أن يراقب الخطوات المختلفة التي يجب اتباعها في سبيل حل المسائل
الحسابية أو تمثيل المسألة تصميم خوارزمية Algorithm ، تحديث
الرموز أو اكتشاف الأخطاء وإزالتها من برنامج الكمبيوتر Debugging
.
أما عند البشر فيتم استقبال المعلوماتية من خلال الحواس وتتم
المعالجة الفكرية من خلال دورات التغذية الراجعة والبحث والمطابقة
حتى تتم عملية الاستخراج ليتم تخزينها في الذاكرة أو توليد سلوك
معين .
وتمثل المعالجة المعلوماتية نموذج للمعالجة الفكرية والتي يقوم بها
المرء في موقف مواجهة . ويكون البحث من الإدخال الذي تم إرساله إلى
من الحواس
(Encoded) ويقوم بالعمل من خلال الذاكرة العاملة (Processed)
وتطبيق العمليات الفكرية ، وتغيير هذه العمليات باستمرار حتى تطابق
الاستخراج المتوقع (Retrieved ) . . وتشمل العملية الكاملة
للمعالجة المعلوماتية على وضع المتعلم في جو المراقبة والتحليل
الاستنتاجي والتحليل الاستدلالي . فهو عندما يقوم المتعلم بعمل
يتطلب تفكير أثناء حل المسائل . وهذه المهمة شبيهة بنموذج المعالجة
المعلوماتية في برنامج الكمبيوتر . وهي تتطلب اتباع خطوات للوصول
إلى النتيجة المتوقعة.
(3) الموسوعة العربية ص 400
نموذج المعالجة الادراكية : Cognitive Process Model
أما النموذج الثاني فيكون من خلال ربط المعلومات المكتسبة حاليا
بالمعلومة المخزنة في الذاكرة . مثال على نموذج المعالجة الادراكية
هو عند تعلم الطفل في المرحلة الابتدائية على معنى احدى المفردات
الجديدة ويكون قد تعلم من قبل احدى المفردات الشبيهة. فالمعالجة
الادراكية تكون من خلال ربط ما تدل عليه أو تعنيه احدى المفردات
الجديدة بالمعرفة أو المعنى الشبيه المخزن في الذاكرة. وتكون عملية
المعالجة بحث ومقارنة, لكي يتم التعرف على معنى الكلمة المقروءة
لأول مرة من قبل الطفل. وهذا شبيه الى حد كبير بنظرية بناء المعرفة
الذاتية والتي تعطي أهمية للخبرات والتجارب التي يجب أن يخوضها
الأطفال لكي تتواجد لديهم تركيبات ادراكية متنوعة.
مثلا" , عندما يتعرف الطفل على كلمة " منزل" لأول مرة.
TWO IMAGEs
نموذج التركيبة الادراكية :Cognitive Structure Model
ويتعلق النموذج الثالث بتكوين تركيبة ادرا كية أثناء حل المسائل .
فعندما يواجه المرء موقفا" جديدا" ، فان تذكر التركيبة المعرفية قد
يساعد في تكوين تركيبة معرفية أخرى . وهكذا حتى تتكون شبكة من
المعلومات التي لها علاقة ببعضها البعض . وهذا شبيه بالمعرفة
الإجرائية والتي تتابع تركيبات أدرا كية من الخطوات المطلوبة
والمخزنة بحيث تتصل الخطوة الأولي بالخطوة الثانية إلى أن يصبح
إنجاز المهمة عمل تلقائي وآلي . وهذا ما سنستعرضه في فصل لاحق عن
اكتساب مهارة المعرفة الاجرائية.
إن التركيبات المعرفية مبنية على المعرفة الممثله وعلى الخبرة .
مثلا تعلم مهارة ركوب الدراجة, القفز على الحبل أو غير ذلك من
المهارات مثل مهارة تعلم معالجة النصوص في الحاسب الآلي. وهي تمر
بثلاث مراحل تطبيقية كالتالي :
يبدأ بتكوين المعرفة والتمثيل لهذه المعرفة بشكل واعي . ومن ثم
يصبح تلقائي بعد ربطه بتركيبة معرفية أخرى ويتم بعدئذ بشكل لا واعي
مع الممارسة . والمراحل هي:
1) المرحلة الادراكية : ويتم تعرف المستخدم على القواعد والحقائق
المطلوبة
للقيام بمهارة ما قبل مهارة تعلم برنامج على الحاسب الآلي .
2) المرحلة الربطية : ويتم تحديد المستخدم للدور الذي يقوم به ،
ويحاول تجنب
الأخطاء خلال عملية التنفيذ عند القيام بهذه المهارة .
3) المرحلة التلقائية : عندما يصبح التنفيذ بشكل آلي وتلقائي .
والعمل التلقائي، يفرغ التفكير للقيام بقدرات ذهنية عليا ، فيكون
هناك مجال للإبداع لأن القدرات الذهنية السفلى تقوم بالمهارة
التلقائية بدون تركيز أو وعي , فيتفرغ جزء لا يستهان به من التركيز
والذاكرة والذي دون هذا التفرغ يشكل إعاقة لعملية الإبداع .
تحليل الاستراتيجيات :Analysis of Strategies
يمثل النموذج الرابع لاكتساب المهارة وهو نموذج تحليل
الاستراتيجيات ويعتبر تحليل الاستراتيجيات نوع من أنواع المعالجة
المعلوماتية .
والاستراتيجية هي عملية فكرية تتضمن تخطيط رأسي لحل المسائل من نوع
معين مثل لعبة الشطرنج . فالمرء الذي يتعلم ويتقن عدد كبير من
الخطوات المختلفة التي تتطلبها لعبة الشطرنج من اجل الفوز باللعبة
،يكون قد أتقن استراتيجيات في طريقة اللعب واصبح لديه ذاكرة منتظمة
في الخطوات الاستراتيجية التي يجب أن ينفذها عند اللعب . وهو
يستطيع أن يقدر ويتنبأ بالخطوة اللاحقة من قبل الخصم لان تفكيره
يكون قد سبق تفكير خصمه ،Thinking Ahead
وينفذ بالتالي الخطوة ليواجه الخطوة التي يقوم بها خصمه بنجاح
وتفوق .
ويعنى نموذج تقييم المرء على انه قد اكتسب المهارة إذا كان نموذج
فكرته الذهنية Mental Model تتوافق مع نموذج المفاهيم المطلوبة
Model Conceptual
وبمعنى آخر, عندما تتوافق فكرته الذهنية والتي هي عبارة عن تمثيل
داخلي لما قد يحدث في نظام معين مع المفاهيم المطلوبة لهذا النظام
. عندئذ يكون المرء قد اكتسب مستوى منخفض من معرفة العمل المطلوب
فلا يكون بحاجة الى وعي وادراك لهذه المعلومة أو التوجيهات, ومستوى
عال من التركيبات المعرفية أي بالخطوات . وإذا لم يكن هناك توافق
بين الفكرة الذهنية وبين المفاهيم المطلوبة ، ينتج ذلك عن أخطاء
ممكن إيجادها وتصحيحها
( Genter & Stevens 1983 )
إن في معظم المسائل التي تتطلب حلولا ، يكون القرار هو أساس
المعالجة الفكرية ومهمة القرار المنطقي هو اختيار إحدى
الاستراتيجيات والتي يتبعها افضل النتائج المتوقعة (Simons 1976 ).
لذلك تظهر هنا أهمية النموذج الفكري والتخطيط لتسهيل عملية
المعالجة الفكرية المطلوبة في هدف التعليم وفي هدف اكتساب المهارة
. مثال على النموذج الفكري هو الرسام الذي يضع صورة ذهنية لمشهد ما
يريد أن يرسمه . فهو يضع صورة ذهنية تمثل فكرة ما ثم يتصور هذه
الفكرة بشكلها النهائي ومن ثم يبدأ بتنفيذ عملية الرسم . ويظهر
النموذج التالي طريقة حل المسائل من خلال نظرية التعليم الادراكي.
ومن الأدوات التعليمية التني تساعد على التعلم وعلى حل المسائل من
خلال نظرية التعليم الادراكي هي:
-
النماذج الفكرية
-
الخرائط الذهنية
-
التشبيه بالمقارنة
استراتيجية حل المسائل من خلال نظرية العلم الادراكي :
( نورمان 1988 )
التعليمات ماذا يجب إنجازه ما هو (الهدف ) الذي يجب الوصول إليه؟
التخطيط كيف يتم عمل ما يجب عمله ( خطة عمل )؟
القرار كيف يتم تنفيذ العمل (الأخذ بالاعتبار كيف تكون النتيجة بعد
التنفيذ )؟
التنفيذ ماذا ( تنفيذ المهمة وتطبيق الخيارات والشروط لهذه
الخيارات )؟
المراجعة كيف ( تم تنفيذ المهمة )؟
التقييم ماذا (يجب أن يطور في المرة القادمة بحيث ينظر إلى العمل
وكأنه قد انتهى)؟
1. تصميم نص معين
2. ما هي المواصفات الموجودة في برنامج معالجة المعلومات المعلومة
لديهم
والتي يجب استخدامها وما يجب تعلمه أن لم يكن لهم علم أو معرفة بها
(تصور خطة عمل )
3. القيام بالقرار (ما هي الخطوات وما هو تسلسل الخطوات التي يجب
اتباعها )
4. القيام بالتنفيذ والاستعانة بكتب المراجع والإرشادات .
5. القيام بالمراجعة ( ما هي الخطوات التي تم العمل بها وتنفيذها )
6. القيام بالتقييم لمعرفة الأخطاء وتجنبها المرة القادمة .
|