مقدمة
أوجّـه هذا الكتاب لكل أسرة وأقول لنحاول أن تكون مسؤوليتنا
الكبيرة في أن نعمل على أن تبقى عقول أطفالنا غنية بمفردات الكلمات
الإيجابية وبالتالي الأفكار الإيجابية.
إن الأفكار السلبية لدى الأطفال كالآفات تشل من قدرة عقولهم وتحد
من وجود مكانٍ للأفكار الإيجابية التي هي مصدر بث لإمكانياتهم
وقدراتهم، وأساس أي إبداع وإبتكار. إن سلوك النفس البشرية هي نتيجة
ما نفكر به أو نواجهه في هذه الحياة من تجارب أو خبرات مؤلمة
وسعيدة والتي اختزنت في اللاشعور أو في العقل الباطن. والعقل
الباطن إذا فكر بفكرة ذات طابع سيء قام الشعور أو العقل الواعي
بإتباع ذلك التفكير السلبي بسلوك سلبي، من دون الرجوع الى تقييم
صحة ومصداقية هذا التفكير. والعكس صحيح، إذا فكر بفكرة ذات طابع
إيجابي، كان ليتبع ذلك التفكير الإيجابي بسلوك إيجابي. وهو بذلك
مثل الكمبيوتر يعطي كما يأخذ، فإذا أخذ أمراً خاطئاً، نفذه كما
أخذه ليعطي نتيجة خاطئة.
إن معالجة البيانات التي تدخل إلى وحدة المعالجة المركزية ومن ثم
إستخراج النتائج على أساس ذلك هي نوعاً ما شبيهة بعملية التفكير
عند الإنسان. فالإنسان حسب نظرية فرويد يختزن المعلومات والخبرات
غير السارة والمؤلمة وغير المحققة في عقله الباطن ومن ثم يستخرجها
في أسلوب سلوك ينهجه وتصرفات يقوم بها. أما ما يدخل من معلومات،
فهو يختزنها في مراكز الذاكرة في الجهاز العصبي، حيث توجد أماكن تم
إثارتها، وأدّى ذلك الى تذكر صاحبها لخبرات ومواقف حدثت في الطفولة.
فمثلا، إذا اعتاد الطفل على الحصول على جميع متطلباته من والديه
وإختزن ذلك في عقله الباطن، يصبح هذا الطفل عندما يشب رجلا يتكل
على الغير في توفير متطلباته ويشعر بالحقد والحزن إذا رفض له أي
طلب عندما يكبر.
ليس الطفل السعيد من يمده والداه بالطعام والكسوة والسكن الكبير بل
الطفل الذي يمده والداه بغذاء الروح قبل غذاء الجسد وكساء الثقة
بالنفس قبل كساء الملبس الجميل وراحة النفس قبل راحة السكن. هو
الطفل الذي يترعرع على تقدير الذات وإحترام الآخرين مما يكسبه حب
الناس وتقديرهم له.
في هذا الكتاب سأحاول أن أشرح للأمهات أساليب إستخدام الحاسب الآلي،
ذلك العقل الألكتروني الصغير، ومدى تأثيره على ثقة الطفل بنفسه عند
إستخدامه. أيضاً، سأحاول أن أبيِّن فائدة هذا الجهاز الذي إخترعه
الإنسان وطور برامجه حتى شملت فائدته كل مناحي الحياة حتى أصبح له
الفضل في أن نعي بأننا نستطيع أن نعلم أطفالنا ما نريد منذ الصغر
وأن نفكر في المولى سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان، وقدّر له أن
يخترع جهاز الكمبيوتر ليتبين له بالتالي قدرة المولى في الخلق، خلق
النفس التي هي أداة لتنفيذ أوامر العقل متمثلة ومجسدة في السلوك
البشري.
ليست الفكرة التي سأقدمها بفكرتي وليست التجارب التي سأبينها في
كتابي هذا تجاربي ولكن هي فكرة علماء نفس وباحثين في علم السلوك
وسوف أذكر بعض تجارب المشاهير في العالم مما كان لثقتهم بأنفسهم
تأثيرا على نجاحهم وإبداعهم.
وفي كتابي هذا أستشهد بآيات من القرآن الكريم وأحاديث عن الرسول
صلى الله عليه وسلم، التي علينا أن نزرع معانيها في نفوس أطفالنا
ونجعلها دستورا لهم ومبادى يرجعون إليها دائما.
إن لم نفعل هذا، فأطفالنا عندما يواجهوا مصاعب كبيرة عندما يشبوا
بسبب معايشتهم لتجارب مختلفة في الصغر من دون أن حكمة أو تدبير من
قبل الأهل في كيفية مواجهة هذه التجارب التي تأخذ طابع السلبية.
يتجهون بالتالي إتجاها سلبيا في سلوكهم وتصرفاتهم ويغلب الطبع على
التطبع في محاولة تغيير ذلك السلوك. إن تربيتنا لأطفالنا تربية
إسلامية هي خير تربية لأن الإسلام مليء بالمواعظ والحكم الغنية
بالأفكار الإيجابية.
لذلك تستطيع الأسرة أن تلعب دوراً كبيراً في سعادة طفلها فهي
المعلم الأول، فالشخص المتفائل والسعيد في هذه الحياة، هو سعيد
بسبب تفكيره الإيجابي نتيجة إدارك أسرته لأهمية تكوين عادة التفكير
الإيجابي لديه، مما يزيد ثقته بنفسه وحبه للغير. والشخص المتشائم
والشقي هو شقي بسبب تفكيره السلبي، وهو شقي لأن بصيرة أسرته قد
غشيت عن إدراك أهمية التفكير الإيجابي وتعليمه له.
إن إضفاء بعض الخلفية عن جهاز الكمبيوتر وفوائد تعلمه للأطفال وبذل
جهد للقضاء على أمية التكنولوجيا أصبح ضرورة من أجل اللحاق بركب
العصر والنهل من المعلومات والمتدفقة التي توسع المدارك وتلهب
الخيال. في الجزء الأول، نناقش أهمية تعليم إستخدام الكمبيوتر للأم
والطفل وأهمية محو أمية التكنولوجيا وأثر ذلك على تنمية التفكير
الإبداعي.
وفي الجزء الثاني، يُبرز الكتاب الأهمية القصوى لوظيفة الأمومة
التي بدأ الغرب اليوم بمطالبة المرأة الغربية بالعمل الفعلي والكلي
لأجلها من خلال العودة الى بيتها والعناية بأطفالها. وسأبيّن دور
الأسرة في فهم وإدراك مسؤوليتها في بناء شخصية طفلها، بشكل سوي من
خلال تزويده بالأفكار الإيجابية التي يختزنها في ذهنه.
ولذلك كن من الضروري تقسيم الكتاب كالتالي:
الجزء الأول: الكمبيوتر وتطوير التفكير الإبداعي لدى الطفل
الفصل الأول: التعريف بجهاز الكمبيوتر
الفصل الثاني: الدماغ البشري ومعالجة التفكير
الفصل الثالث: أهمية تعريف وتعليم مبادىء الكمبيوتر للطفل
الفصل الرابع: ضرورة محو أمية تكنولوجيا / دراسة ميدانية
الجزء الثاني: الأسرة وبرمجة التفكير الإيجابي لدى الطفل
الفصل الأول: الأمومة أسمى الوظائف
الفصل الثاني: التعامل الإيجابي أساس بناء الثقة بالنفس
الفصل الثالث: الإعداد السليم للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة
الفصل الرابع: التفكير الإيجابي
الفصل الخامس: التفكير الإيجابي في التربية الإسلامية
|